الدكتور محمد رجب بكتب : الاتجاهات الجديده للاحزاب السياسيه .. عضوية الاحزاب بين ” الكم والكيف “
انا لا اعرف علي وجه الدقة عدد الاحزاب السياسية في مصر الان ولعل كثيرون غيري لا يعرفون وان كان البعض يردد انهم يتجاوزون مائة حزب ولعلنا نتفق جميعاً بانه رغم هذا العدد الضخم للاحزاب السياسية فلا حس ولاخبر وكان الحياة الحزبية في مصر قد جفت وظلت الاحزاب السياسية تمارس عملها بنفس الكيفية والاساليب التي كانت تمارس بها في ظل دولة الحزب الواحد والتي كانت تقاس قوتها وفاعليتها بحجم عدد اعضائها وعدد مقارتها وعدد اللافتات التي يمكن ان ترفعها في المناسبات او بعدد وحجم الكراتين والعطايا التي يمكن ان تتنافس في توزيعها ااو في عدد الجماهير التي تستطيع ان تحشدها في المؤتمرات ناسين او متناسين ان الدنيا قد تغيرت وأساليب ووسائل الاتصال وقنوات التواصل الاجتماعي والسياسي قد تعددت وليس قوة الحزب بحجم اعضائه او باتساع رقعة مقراته او بحجم الهدايا والعطايا والرشاوي احيانا التي تتنافس فيها الاحزاب .
هل يظن احد مثلا علي ان الاصوات التي حصل عليها الرئيس الامريكي جو بايدن والتي تجاوزت ٨٢ مليون هي اصوات الحزب الديموقراطي وان الاصوات التي حصل عليها الرئيس السابق ترامب والتي تجاوزت ٧٥ مليون هي اصوات اعضاء الحزب الجمهوري في الحقيقة انها اصوات الشعب الامريكي بعضها ايد ما يطرح هذا المرشح وحزبه والآخرين اعطوا اصواتهم لمن وجدوه يعبر عنهم لكن ليست كل هؤلاء الملايين اعضاء في احد هذين الحزبين ان هذه النتيجة تطرح علينا قضية الكم والكيف في بناء الاحزاب السياسيه في الماضي بينما كنا نتباهي بحجم العضويه الكبير في الاحزاب السياسيه كنا نعاني من قدرة هذه العضوية علي تحقيق الفاعلية السياسية المطلوبة ففي ظل التحولات العلمية والتكنوجية في وسائل الاتصال الحديثة لم تعد قوة الاحزاب بحجم اعضائها ولكن بقدرة اعضائها والمتعاطفين معها والمؤمنين بفكرها والملتفين حول برامجها .
من هنا فان تغييراً جوهرياً يجب ان يسيطر علي سياسات العضوية في الاحزاب السياسية ويجب أن نتجنب الخلط بين الدور الذي يجب ان تقوم به الاحزاب السياسية وهو في المقام الأول دور سياسي والدور الذي تقوم به الجمعيات الاهلية والمنظمات الجماهيرية المساعدة وهو في الغالب دور اجتماعي لكن من الممكن ان يحدث التعاون بين الاحزاب والجمعيات والمنظمات الجماهيرية المساعدة وقد تجد بعض هذه الجمعيات تميل الي،مايطرحه حزب معين من افكار ورؤي اجتماعية بينما جمعيات اومنظمات جماهيرية اخري تجد نفسها مؤيدة لبرامج اجتماعية لاحزاب اخري كما ان منظمات جماهيريةاخري قد تري نفسها مستقلة في رؤيتها وبرامجها .
ان الاتجاهات الجديدة يجب ان تتجه الي قيام احزاب للصفوة او للنخبة او كما يراها البعض احزاب قيادية فحزب يضم في صفوفة مئات العناصر القيادية سيكون افضل الف مرة من حزب قائم علي كم من العضوية فاقد الحركة عديم التاثير انك اذا كان لديك حزب يملك وسائل الاتصال الحديثة ويستحوذ علي مقدرت العصر بكوادر سياسية قليلةالعدد عظيمة التاثير افضل كثيرا فاذا كان لديك قيادات تملك هذه القدرات القيادية افضل الاف المرات من حزب كبير العدد فاقد التاثير والحركة نحن بحاجة الي احزاب الكيف والنوع والفكر التي تستطيع بكوادرها ان تجذب لصفوفها افضل العناصر المؤمنة بفكر الحزب وسياساته خلافاً لاحزاب كل همها ان تجذب اعضاء بالعطايا اوالرشايا احيانا كي تحصل علي اصواتها .
ان المقوله التي ترددت حول دور الاحزاب السياسية انها وجدت لتخدم لا لتحكم تحتاج مراجعة فلقد ذهب الي غير رجعة النظام السياسي القائم علي الحزب الواحد ليحل محله النظام القائم علي التعدد الحزبي الفعال والمؤثر .
ولا يتحقق ذلك بكثرة عدد الاحزاب ولكن بفاعليتها وتأثيرها الحقيقي في الحياة السياسية
( هذه القضية قد تستحق المناقشة )
كتب المقال : المستشار السياسي لرئيس حزب الحركة الوطنية المصرية وزعيم الاغلبية الاسبق في مجلس الشوري