قئ إعلامي يهيمن علي الساحة .. ضجيج ونعيق بلا تأثير او إقناع
خالد العوامى
لدي قناعة يقينية بأن الصحفي الفطن ، المتمرس ، من يمتلك أدوات موهبته ، ومفردات كلماته وكتاباته يمكنه ” تحويل إناس يتذمرون لأن للورد شوك ، إلي إناس يتفاءلون لأن فوق الشوك ورد ” .
لذا أتعجب كثيراً لحال من كانت يوماً ” صاحبة للجلالة ” ، وأتعجب لحال إعلام يتردي .. و .. و يتردي ، فبرغم عظمة الوطن ، وتعملق دوره ، وقدرته علي إمتلاك أدوات القوة والنفوذ ، وأيضاً إمتلاك أوراق البقاء والحكمة والمنطق .. ثم .. ثم تمكنه من صناعة أشياء كانت يوماً أشبه بمستحيل ، أشياء ربما تبشر بإتجاه إنساني وتنموي عظيم ، ورغم ذلك تري إعلامه عاجزاً عن مواكبة وعرض ما ينجز ، رغم كل ما يتوافر له من دعم وإمكانات ، ربما تفوق كل الممكن .
فما بال حال مهنتنا يتضاءل ؟! ، ما بالها تُسطّح وتٌتفّه ؟! ، ما بالها تمضي نحو حضيض تحت الأرض؟! ، هل أنهكها أنصاف تولوا أمورها ؟! ، أم ضربها جبن وخواء وإنبطاح ، وضاعت منها الرؤية الثاقبة ، والقيمة والخلق الرفيع ؟! .. يبدو لي اننا بتنا جميعاً أشبه بالدبة التي تقتل صاحبها .
.. وقطعاً إذا لم تتحدد قواعد أي حوار ومقاصده، إرتبك سياقه وضاعت نتائجه ، ولعل ذلك يفسر رغبة عاقلة لدي صاحب القرار في ترتيب أوراق مشهد إعلامي ضاعت مقاصده ، وأصابه عطب ولخبطة بائنة ، جراء فشل ممن حظوا يوماً بثقة لم يكونوا أهلاً لها ، لتصدق المأثورة السالفة ” بأن الإبداع الحقيقي هو التوقف المفاجئ عن خطأ قرارات أُتخذت بحسن النوايا ” ، وأظنني المح في الأفق رغبة لدي من يديرون مشهد الإعلام ، في إيقاف غباء يُمارس بحق القارئ والمستمع جهاراً نهاراً ، فوق أوراق الصحف ، وعلي شاشات التليفزيون .
ومن يدقق في تصريحات الرئيس السيسي خلال مؤتمر الشباب المنقضي منذ ساعات ، يدرك معني ما قلت وما اقول ، فقد وضع الرئيس يده علي الجرح الغائر ، النازف في الجسد الاعلامي ، خاصة حينما قال ” ان تأثير الإعلام أصبح لا يؤدي الهدف المرغوب منه ، وان مثلة مثل باقي القطاعات التي فقدت قدرتها على التطور ، وإصلاحها واجب ، وأن الإعلام يكلف الدولة 6 مليارات جنيه سنويا وما يحققه 2,3 ملياراً ” .
وبدا جلياً بعد تلك التصريحات الرئاسية ، ان الرسالة باتت واضحة ، لكل من أساء إستخدام منصبه ومنصته الإعلامية ، رسالة مفادها : ” أنا صبور على الغباء ، لكن ليس على من يفاخرون بغبائهم ” ، لذا فالتغيير المرتقب ضرورة ملحة ، ضرورة يفرضها واقع هيمن علية أنصاف ، وغاب عنة حريفة المهنة وإسطواتها ، جراء دسائس دبرها وحاكها أولئك الأنصاف ” ، فالصحافة التي تغرق في الفشل بمثابة عدو غاشم يقف في وجه الأمل ” .
وأحسب أيضاً ان التغيير المرتقب في مشهد الإعلام ، يعكس ذكاء ووعي مُتَّخِذ قرار التغيير ، لما بات ملموساً ومحسوساً من أداء أضر قبل ان يفيد ، فرق قبل ان يُجمع .. لذا ليس بمستغرب ما نراه من قئ إعلامي يهيمن علي الساحة طوال فترة مضت ، ضجيج ، ونعيق ، وزعيق ، وتنظير ، وفِي نهاية الأمر لا تأثير ، ولا إقناع ، ولا تحريك لشعرة واحدة في جسد مواطن .
بإختصار حصادهم : فقدان ثقة في إعلام كان يُعلم المنطقة سنون طوال ، كان إساءة لصانع قرار يعمل بجد وإقتدار ، كان عجز عن توصيل رسالة إيجابية لرجل الشارع ، كان فشل في تسويق وترويج إنجاز وإعجاز يتحقق علي الأرض .. حتي بات جزء كبير من الإعلام والصحافة عبارة عن إناس لا يجيدون الكلام ولا الكتابة ، ويقابلون إناس لا يجيدون التحدث ، ويخاطبون إناس لا يجيدون الإستماع ولا القراءة .
تفرغوا للسبوبة والمصلحة ، وتحقيق منصب وجاه ، ظنوا ان نفاقهم إخلاص ووفاء ، حسبوه مهنية في الأداء ، تغافلوا ربما بجهل أو قصد ان القوة الحقيقية لوسائل الإعلام هي قدرتها في ان تعبر الحدود ، وتغير الفكر ، وتؤثر حتي فيمن لا فكر له ، تغافلوا ربما بجهل أو قصد ان الإعلام الحقيقي هو من يسيطر علي العقل بالعرض السليم ، والبساطة في توصيل الحقيقة إلي الناس ، لا بالصراخ ، ولا بالنفاق ، ولا بالتنظير ، فقط بعض من الرصانة ، والكياسة ، والفطنة في توصيل رسالة أولي الأمر ، إلي اصحاب الأمر .
فالحرب لو يعلمون لا تستعر نيرانها في أجواف المدافع ، بل في قلوب الناس وأفكارهم ، وإذا أردت تغيير العالم، فعليك بالصحافة لأن سلاحها أقوي .. و .. و أسرع ” .
احسب ان رسالتي قد وصلت .. اللهم بلغت اللهم فاشهد .