شخصيات و مقالات

خالد العوامي يكتب : بكاء ” المنفيون في جزيرة الندم ” .. الوطن تميته الدموع وتحييه الدماء | فيديو

تركتم وطن يعيش في زمن مهزوم مقهور مخطوف .. ولولا رجال الظل لكنا عالقين في فخ الماضي الأليم

 


وها انا ذا متروك ككم مهمل فوق الرصيف ، أبكي أتحسر .. ثم .. ثم أندم علي ما فات ، أسأت لوطني ولم يعد ممكناً الوثوق بي ، اعتذرت والدموع تسح سحاً ، ولكن فات آوان الإعتذار ، فقد تركت خلفي الجدران مهشمة وفروع الاغصان مكسورة ، ليبقي الندم إرثاً طبيعياً لجرائم ارتكبتها في حق الوطن ، ندم ربما يبقيني عالقاً في فخ الماضي الأليم سنون طوال .

احسب ان هذا لسان حال هؤلاء ” ثوار الماضي ” ممن شاركوا في احداث 25 يناير عام 2011 ، والذين ظهروا خلال الساعات القليلة الماضية في فيديو بعنوان ” المنفيون في جزيرة الندم ” ، ظهروا يتباكون فيه تحسراً علي مشاركاتهم في الأحداث ، ويبدو انه الابصار الذي يأتي متأخراً ، ولا أدري صراحة ماذا أقول لـ مثل هؤلاء ؟! ، الذين سلموا عقولهم لـ أعداء عبثوا بـ مصير الوطن وتركوه لـ المتآمرين يرسمون مستقبله بكل أحداثه وتفاصيله ، يرسمونه وفق مصالحهم لا مصالح الشعب ، زاعمين انها ” الحرية والعدالة الاجتماعية ” ، ويا حسرتاه عندما تترك مصائر الأوطان والشعوب لهواة لا يملكون من امرهم شيئاً .

وهنا اسأل هؤلاء الثوار : ماذا يحدث عندما يخذلنا الرفيق ؟! ، وعندما نتوقف في منتصف الطريق ، لنكتشف اننا نسينا شيئاً مهماً اسمه الوطن ؟! حاولنا العودة كي نبحث عنه فوجدناه حطاماً مخطوفاً في قبضة جماعات لا تؤمن بأرض وعرض وحدود ، وجدناه آنذاك وطنُُ يعيش في زمن مهزوم ووعي مقهور ومواطن خائف مذعور ، لقد خسرنا حينها كل شئ وأي شئ ، ولولا عناية الله ووجود ” رجال ظل ” أوفياء لكان الوضع اسوء والخسائر أفدح ، وما كان لدينا الان وطن نتعارك فيه ، بل وطن نتصارع فوق جثته .

بالله عليكم ماذا كنا سنفعل بدموع الندم ؟ ، فهل تدرون ان ثورتكم اعادتنا للوراء عشرات السنين ؟! ، هل تدركون ان ازمة سد النهضة وما اعقبها من مخاطر تعود لـ فعلتكم ؟! ، فقد جف الضرع والزرع ، تجلط الاستثمار وانتشر العنف والخراب ، إحترقت المؤسسات والأجهزة السيادية ، إمتطي ثورتكم اصحاب اللحي والذقون وغيروا مسارها بل واستأثروا بها ، زادت الجريمة واستفحل المجرمون والبلطجية وسرقة المحالات وتدهورت الاوضاع الامنية والاقتصادية ، هرب المستثمرون وانهار حجم الاستثمار ليصل الي حد الصفر ، توقفت المصانع وتعطل الانتاج وبلغت الاستثمارات الأجنبية التى خرجت فى عام ثورتكم ما يقارب الـ 54 مليار جنيه ، ناهيك عن انتشار الإرهاب وبالأخص في سيناء ، وتنامي لغة الاستقطاب وسقوط مئات الشهداء من الجيش والشرطة والمدنيين .

.. ثم .. ثم اراكم بعد كل هذا تتباكون وتندمون ، وهنا أقول لكم : أن الوطن تميته الدموع وتحييه الدماء ، لذا دموعكم لم يعد لها ثمن ، والوطن ظل باقيا حياً ليس بالدموع بل بدماء الرجال ، وأخيراً : أن تتأكد خير لك من أن تتأسف ، فمن يلعب في أيام عمره يضيع أيام حرثه ، وها انتم تتأسفون لكن بعد ان ضيعتم حرث السنين .. عاشت مصر وعاش شعبها عزيزاً مكرماً .

كاتب المقال : المتحدث الرسمي لحزب الحركة الوطنية المصرية

زر الذهاب إلى الأعلى